أسماء الله الحسنىالله | اللهم | الإله*** و يكفي في شرف هذين الأسمين أن شهادة التوحيد و كلمة النجاة و مفتاح الجنة "لا إله إلا الله" قامت على معنى الألوهية فمعرفة ذلك المعنى و معرفة معنى لفظ الجلالة من أركان فهم الشهادة و استخراج كنوزها.
*** اسم "الله" علم على الرب تبارك وتعالى، المعبود بحق، وهو أخص أسماء الله تعالى، ولا يسمى به غيره، و هو من أعظم أسماء الله، وتكرر في القرآن 2669 مرة إذا حُسبت البسملة آية في بداية كل سورة و 2556 مره إذا احتسبناها آية من الفاتحة فقط ولفظ (الله) فرد في اللغة، فلا يجمع ولا يتعدد.
و اسم "الله" هو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال و هو أكبر الأسماء الحسنى و أجمعها و ذكر بعض أهل العلم أن الأسماء الحسنى المذكورة في الفاتحة هي أصول الأسماء و الصفات و جوامعها و إن كان بعضها أخص من بعض فصفات الجلال والجمال: أخص باسم (الله) و صفات الفعل ، والقدرة والتفرد بالضر والنفع ، والعطاء والمنع ، ونفوذ المشيئة وكمال القوة وتدبير أمر الخليقة أخص باسم ( الرب ) وصفات الإحسان والجود والبر والحنان والمنة والرأفة واللطف ، أخص باسم ( الرحمن) .
قلت : و مع هذا فإن اسم الله هو الجامع لكل هؤلاء كما أسلفنا و بعض أهل العلم يقول أنه هو اسم الله الأعظم.
*** قال الزجاج: و من الناس من لا يعد اسم الله من هذه الجملة ويقول إن هذه الأسماء كلها مضافة إلى الله فكيف يعد هو منها.
قلت :و أبلغ بيان لضعف هذا القول قوله تعالى :" قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى".
*** واختلفوا في هل هو مشتق أم غير مشتق على قولين:1 - قال الفيروزآبادي: وقال الأَكثرون: عَلَمٌ مرتجل غير مشتقّ وعُزى للأَكثرين من الفقهاءِ، والأُصوليّين، وغيرهم ومنهم الشافعى، والخَطَّابىّ، وإِمام الحرمين والإِمام الرّازىّ، والخليل بن أَحمد، وسيبويه وهو اختيار مشايخنا.
والدّليل أَنَّه لو كان مشتَقّاً لكان معناه معنى كليًّا [لا] يمنع نفسُ مفهومه من وقوع الشركة؛ لأَنَّ لفظ المشتقّ لا يفيد إِلاَّ أَنَّه شئٌ مّا مبهَم حصل له ذلك المشتقّ منه؛ وهذا المفهوم لا يمنع من وقوع الشركة فيه بين كثيرين وحيث أَجمع العقلاءُ على أَنَّ قولنا: لا إِله إِلاَّ الله يوجب التَّوحيد المحْض علمنا أَنَّه عَلَم للذات، وأَنَّها ليست المشتقَّات.
وأَيضاً إذا أَردنا أَن نذكر ذاتاً، ثمّ نصفه بصفات، نذكره أَوّلا باسمه، ثمّ نصفه بصفات نقول: زيدُ العالمُ الزَّاهدُ، قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوِّرُ} ولا يرد {الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللَّهِ}
[1] لأَنَّ على قراءة الرّفع تُسقط السّؤال، وعلى قراءَة الجرّ هو نظير قولهم: الكتاب مِلْك للفقيه الصّالح زيد؛ ذكر (زيد) لإِزالة الاشتباه.
2 – و قال :وقيل: بل هو مشتقّ، وعزاه الثَّعلبى لأَكثر العلماءِ قال بعض مشايخنا: والحقّ أَنَّه قول كثير منهم، لا قول أَكثرهم واستدلّ بقول
رُؤبة:
*لله دَرُّ الغانيات المُدّهِ * سَبّحن واسترجعن من تأَلُّهى*
فقد صرّح الشاعر بلفظ المصدر، وبقراءَة ابن عبّاس {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ}.
*** أما المقصود الصحيح عند من قال إن اسم "الله" مشتق: قال بن القيم: زعم أبو القاسم السهيلي وشيخه ابن العربي أن اسم الله غير مشتق لأن الإشتقاق يستلزم مادة يشتق منها واسمه تعالى قديم والقديم لا مادة له فيستحيل الإشتقاق ولا ريب أنه إن أريد بالإشتقاق هذا المعنى وأنه مستمد من أصل آخر فهو باطل ولكن الذين قالوا بالإشتقاق لم يريدوا هذا المعنى ولا ألم بقلوبهم وإنما أرادوا أنه دال على صفة له تعالى وهي الإلهية كسائر أسمائه الحسنى كالعليم والقدير والغفور والرحيم والسميع والبصير فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب وهي قديمة والقديم لا مادة له فما كان جوابكم عن هذه الأسماء فهو جواب القائلين باشتقاق اسم الله ثم الجواب عن الجميع أننا لا نعني بالإشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى لا أنها متولدة منها تولد الفرع من أصله وتسمية النحاة للمصدر والمشتق منه أصلا وفرعا ليس معناه أن أحدهما تولد من الآخر وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر وزيادة فالإشتقاق هنا ليس هو اشتقاق مادي وإنما هو اشتقاق تلازم سمي المتضمن بالكسر مشتقا والمتضمن بالفتح مشتقا منه ولا محذور في اشتقاق أسماء الله تعالى بهذا المعنى .
*** هل تطرح الألف من (الله | اللهم) أو ينقص منها أحيانا؟1 - قال الخليل الله لا تطرح الألف من الاسم إنما هو الله عز ذكره على التمام قال: وليس هو من الأسماء التي يجوز منها اشتقاق فعل كما يجوز في الرحمن والرحيم .
2 - قال الأزهري: قال الليث بلغنا أن اسم الله الأكبر هو الله لا إله إلا هو وحده
[2]، قال: وتقول العرب الله ما فعلت ذاك يريدون والله ما فعلت
[3] .
و روى المنذري عن أبو الهيثم:
ثم إن العرب لما سمعوا اللهم جرت في كلام الخلق توهموا أنه إذا ألقيت الألف واللام من الله كان الباقي لاه فقالوا :لاهم.
وأنشد:
لاهم أنت تجبر الكسيرا أنت وهبت جلة جرجورا
ويقولون: لاه أبوك يريدون الله أبوك وهي لام التعجب .
وأنشد لذي الإصبع:
لاه ابن عمي ما يخاف الحادثات من العواقب
قال أبو الهيثم: وقد قالت العرب بسم الله بغير مدة اللام وحذف مدة لاه وأنشد:
أقبل سيل جاء من أمر الله يحرد حرد الجنة المغله
وأنشد:
لهنك من عبسية لوسيمة على هنوات كاذب
من يقولها إنما هو لله إنك فحذف الألف واللام فقال لاه إنك ثم ترك همزة إنك فقال لهنك .
وقال الآخرك:
أبائنة سعدى نعم وتماضر لهنا لمقضي علينا التهاجر
يقول لاه إنا فحذف مدة لاه وترك همزة إنا
كقوله:
لاه ابن عمك والنوى يعدو
وقال الفراء في قول الشاعر لهنك: أراد لإنك فأبدل الهمزة هاء مثل هراق الماء وأراق وأدخل اللام في إن لليمين ولذلك أجابها باللام في لوسيمة.
قال أبو زيد :قال لي الكسائي: ألفت كتابا في معاني القرآن فقلت له: أسمعت الحمد لاه رب العالمين ؟ فقال: لا فقلت اسمعها .
قال الأزهري: ولا يجوز في القرآن إلا الحمد لله بمدة اللام وإنما يقرأ ما حكاه أبو زيد الأعراب ومن لا يعرف سنة القرآن.
و قال الفراء: وكثرت اللهم في الكلام حتى خففت ميمها في بعض اللغات قال الكسائي العرب تقول :
يا ألله اغفر لي ويلله اغفر لي
قال: وسمعت الخليل يقول يكرهون أن ينقصوا من هذا الاسم شيئا يا ألله أي لا يقولون يله.
قال الزجاج في قوله تعالى:" قال عيسى بن مريم اللهم ربنا ........"ذكر سيبويه أن اللهم كالصوت وأنه لا يوصف وأن ربنا منصوب على نداء آخر.
قال الأزهري وأنشد قطرب:
إني إذا ما معظم ألما أقول يا اللهم يا اللهما
و قد خفف الأعشى الميم المشددة فقال:
كحلفة من أبي رباح يسمعها لاهم الكبار
وإنشاد العامة:
يسمعها لاهه الكبار
قال وأنشده الكسائي:
يسمعها الله والله كبار
*** تسمية العرب للشمس لما عبدوها إلاهة و إدخالهم "ال" على الإسم و حذفهم لها:وقد سمت العرب الشمس لما عبدوها إلاهة والألهة الشمس الحارة حكي عن ثعلب والأليهة والألاهة والإلاهة وألاهة كله الشمس اسم لها الضم في أولها .
عن ابن الأعرابي قالت مية بنت أم عتبة بن الحرث كما قال ابن بري
[4]:
تروحنا من اللعباء عصرا فأعجلنا الإلهة أن تؤوبا
[5]على مثل ابن مية فانعياه تشق نواعم البشر الجيوبا
قال بن سيده:ورواه ابن الأعرابي ألاهة قال: ورواه بعضهم فأعجلنا الألاهة يصرف ولا يصرف غيره وتدخلها الألف واللام ولا تدخلها وقد جاء على هذا غير شيء من دخول لام المعرفة الاسم مرة وسقوطها أخرى قالوا: لقيته الندرى وفي ندرى وفينة والفينة بعد الفينة ونسر والنسر اسم صنم.
فكأنهم سموها الإلهة لتعظيمهم لها وعبادتهم إياها فإنهم كانوا يعظمونها ويعبدونها وقد أوجدنا الله عز وجل ذلك في كتابه حين قال :"ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون" .
و قال بن سيده: والإلاهة والألوهة والألوهية العبادة.
*** قال الفيروزآبادي: وللعلماءِ فى هذا الاسم الشريف أَقوال تقارِب ثلاثين قولاً.
فقيل: معَرّب أَصله بالسّريانية (لاها) فحذفوا الأَلف، وأَتَوْا بأَلْ.
وقال الجمهور: عربىّ.
ثمّ قيل: صفة؛ لأَنَّ العَلَم
[6] كالإِشارة الممتنع وقوعها على الله تعالى وأُجيب بأَنَّ العَلَم للتعيين، ولا يتضمّن إِشارة حسّيّة